أ.د/ إبراهيم عبد الباقي أبو عِيانة
يرغب الجميع في إيقاف عقارب الساعة وتجنُّب شبح تقدم العمر، وعدم
الوصول الي خريفه، وقضاء أطول فترة في ربيع العمر وزهوته، فالشباب الدائم حلم
البشرية، وغاية كل امرأة ورجل، برغم ذلك فالشيخوخة قدر لا مفر منه، فهل هناك سبيل
من تأخيرها؟!
أحد العوامل
التي يمكن أن تسرع من ظهور الشيخوخة هو زيادة مستويات الجذور الحرة (Free radicals) في الجسم. والتي تتطلب
بالتبعية المزيد من مضادات الأكسدة الداخلية لإيقاف التفاعل التسلسلي بسبب أكسدة الجذور
الحرة. لكن
وللأسف فإن مضادات الأكسدة داخلية المنشأ
مثل إنزيمات الجلوتاثيون بيروكسيديز (GPx) و ديسموتاز
فائق الأكسدة (SOD)محدود الكمية. مع ذلك بات من الممكن تثبيط ولجم جماح
الشيخوخة.
يحتوي نوى التمر على العديد
من مركبات البوليفينول التي يمكن أن تعمل كمضادات للأكسدة، أظهرت هذه البوليفينولات
قدرة عالية علي الحفاظ على قوة غشاء خلايا الحيوانات المنوية وبالتالي زيادة عدد خلايا
الحيوانات المنوية في الفئران المعرضة للجلوتامات أحادية الصوديوم. تعمل مركبات البوليفينول الموجودة في نوى التمر كمصدر
لمضادات الأكسدة لتعزيز نشاط الإنزيمات المضادة للأكسدة الداخلية في الجسم، ولكن
الآلية الدقيقة لم تكن معروفة لذلك هناك حاجة لمزيد من البحوث في هذا المنحى. لذا
كان لزامًا تقييم تأثير متخمر نوى التمر على نشاط إنزيم الجلوتاثيون بيروكسيديز وإنزيم
ديسموتاز فائق الأكسيد في نماذج الفئران للألوكسان المستحث، لذا صممت التجربة
العلمية، حيث تم تقسيم ثلاثين فأرًا إلى خمس مجموعات منهم مجموعه قياس سلبية لم
تعامل نهائي والبقية تناولت خمير نوى التمر المجروش الذي تم تجهيزه بتنظيف البذور
وتحميصها وجرشها وتخمير المجروش. تناول كل حيوان 0.25، 0.5 ، 0.75 و 1 جرام لكل كيلو جرام من وزنه لمدة اسبوع تم تحليل الدم قبل وبعد تناول خمير
نوى التمر في الأربع مجموعات لمدة أسبوع لتقدير نشاط انزيم الجلوتاثيون بيروكسيديز (GPx) ونشاط إنزيم ديسموتاز فائق الأكسدة (SOD).
وجاءت النتائج المبهرة؛ حيث كان متوسط
زيادة نشاط إنزيم ديسموتاز فائق الاكسدة (SOD)بنسبة 33.5%، أما نشاط إنزيم الجلوتاثيون بيروكسيديز (GPx)فزاد بنسبة 94%، وهذه النتائج لها دلالة
هامة حيث أن هذه الإنزيمات تعمل كمضادات للأكسدة
الداخلية وذلك لإيقاف التفاعل التسلسلي بسبب أكسدة الجذور الحرة.
أهمية
إنزيم ديسموتاز فائق الاكسدة (SOD)
Superoxide dismutase
يُساعد إنزيم " ديسموتاز فائق الأكسدة " في تحسين
الاستفادة من النحاس والزنك
والمنجنيز، ومستويات هذا الإنزيم تميل إلى الانخفاض التدريجي مع التقدم في
السن (في الوقت الذي يزيد فيه إنتاج الشقوق الحرة) وقدرته كعلاج مضاد للشيخوخة قيد
البحث حالياً.
أن أهم وظيفة لهذا الإنزيم هي استعادة حيوية الخلايا، وتقليل سرعة
تدميرها. كما أنه يعادل أحد الشقوق الحرة المسمى "سوبر أكسيد"، الذي يعد
أكثر أنواع الشقوق الحرة شيوعًا، وربما أكثرها خطورة. ونظرا لكونه إنزيم مضاد للأكسدة في جميع الخلايا
تقريبًا، لذا يُعتقد أن نوى التمور المختمرة تعمل على حماية الدهون الموجودة في
أغشية الخلايا من الأكسدة.
يوجد نوعان من هذا الإنزيم نوع مرتبط بالنحاس ونوع مرتبط بالزنك
وكل من النوعين يعمل على حماية جزء خاص من الخلية. فالمرتبط بالنحاس يعمل
على حماية سيتوبلازم الخلية حيث تُنتج الشقوق الحرة كنتيجة للأنشطة الأيضية
المختلفة وأما المرتبط بالزنك فهو ذو فاعلية في حماية ميتوكوندريا الخلايا التي
تحتوي على المعلومات الوراثية الخاصة بالخلايا وتعمل كموقع لإنتاج الطاقة.
أهمية
إنزيم (GPx Glutathione
peroxidase
تم اكتشاف إنزيم الجلوتاثيون بيروكسيديز النشط (GPx) في عام 1957 من قبل
غوردون جيم ميلز، تتمثل وظيفته في حماية
الكائن الحي من الضرر التأكسدي في الدورة البيولوجية الرئيسية. كما أن الأهميته الحيوية لهذا الإنزيم تكمن في تقليل الدهون إلى ما يقابلها من
الكحولات، والحد من بيروكسيد الهيدروجين الحر في الماء.
في النهاية ننتهي إلي أن الإنزيمين السابقين يتوفران بكميات محدودة في الجسم رغم أهميتهما الحيوية كما أنهما يقلان بتقدم العمر في وقت تزداد فيه
كميات الشوارد الحرة، لكن تناول متخمر مجروش نوى التمر عظم من مسويات هذان الإنزيمان
مما قد يشكل دراعا واقيًا من أمراض الشيخوخة.